• المدخل إلى أسواق 2020 .. تمييز الإشارات الصحيحة من المضللة

    12/11/2019

    مايكل ماكينزي من لندن

    عندما تتغير حكاية السوق ينبغي للمستثمرين التأكد من تقييم مزايا الرسالة الجديدة.
    بغض النظر عن غموض كثير من البيانات الاقتصادية الحالية، ورغم أن الطريق نحو حل تجاري بين واشنطن وبكين هو طريق طويل متعرج، من الواضح تماما أن الحالة المزاجية للأسواق المالية تغيرت الآن: تهديد الهبوط الصعب للاقتصاد العالمي أصبح خلفنا، وأمامنا انتعاش يلوح في الأفق.
    لكن مدى ونطاق الانتعاش الاقتصادي في 2020 لا يزالان نقطتي تخمين إلى حد كبير. تتطلب معنويات سوق الأسهم الصعودية في النهاية انتعاشا كبيرا في استثمار الأعمال التجارية يؤدي بدوره إلى انتعاش الاقتصاد العالمي. الدليل على مثل هذا الارتفاع قد لا يأتي حتى ربيع العام المقبل على أقرب تقدير.
    تشرين الثاني (نوفمبر) أعطى بعض الدلائل على أن أسوأ تباطؤ في النمو أصبح خلف الاقتصاد العالمي، في حين تشير تقارير واردة عن المفاوضات التجارية الأمريكية - الصينية الجارية إلى أن كلا الطرفين يمكن أن يحقق كثيرا من المكاسب في حال تم التوقيع على صفقة. نتيجة لذلك ارتفعت عائدات السندات العالمية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاثة أشهر، مع عودة عائدات سندات العشرة أعوام في فرنسا إلى ما فوق الصفر للمرة الأولى منذ تموز (يوليو).
    تتميز الارتفاعات القياسية في أسواق الأسهم المختلفة بالتناوب الكبير بين القطاعات والمناطق. مالت القيادة لمصلحة القطاعات الدورية التي يغلب عليها تحسين أدائها عندما يكون النشاط الاقتصادي أقوى. ما يسمى الأسهم "ذات القيمة" - التي تمثلها الشركات المالية العالمية، وتضررت بشدة من أسعار الفائدة السلبية في اليابان وأوروبا، ثم مخاوف الركود في الصيف تزداد قوة.
    ما يضاعف هذا الاتجاه هو ارتفاع عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل، التي عادة ما تعود بالفائدة على المصارف لأنها تستطيع الإقراض بأسعار فائدة أعلى في الوقت الذي تكون فيه تكلفة التمويل لديها ضئيلة. انتعاش الأسهم المالية العالمية عكس الارتفاع في عائدات السندات العالمية منذ منتصف آب (أغسطس)، ما دفع إلى الحديث عن أن عملية تدوير باتجاه القيمة، التي يمكن وصفها بصندوق الأسهم الرخيصة، لديها مجال أكبر للاستمرار.
    أسواق الأسهم في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ مع أوزانها الكبيرة في البيانات المالية وأسهم القيمة تفوقت حتى وول ستريت ذات الأرقام القياسية. ويتجاهل المستثمرون النتائج الفصلية التي تظهر انخفاض الأرباح لكل من "إس آند بي 500" و"ستوكس 600"، مفضلين التركيز على التوقعات الأكثر إشراقا للعام المقبل.
    صحيح أن الأسهم عانت فترات هبوط الأرباح في الماضي. في الوقت الحالي "إس آند بي 500" في طريقه لمطابقة الركود المسجل على مدار أربعة أرباع متتالية خلال عامي 2015 و2016. المعنويات الصعودية الحالية تعكس ثقة كبيرة بأن ضغط هوامش الربح سيخف بالنسبة لكل من الشركات الأوروبية والأمريكية العام المقبل، في الوقت الذي يرتفع فيه النمو.
    يتضح التحول في الحالة المزاجية من خلال ارتفاع 25 في المائة في سعر سهم شركة كاتربيلار خلال الشهر الماضي. سهم شركة صناعة الآلات الثقيلة الذي ينظر إليه غالبا على أنه مقياس للاقتصاد الصناعي العالمي، كان هذا العام عند مستوى أدنى 7 في المائة تقريبا في مطلع تشرين الأول (أكتوبر). كان ذلك قبل أن تعلن الشركة أرباحا مخيبة للآمال وتخفض توجيهاتها لكامل العام. بغض النظر عن ذلك سجل السهم هذا الأسبوع أعلى مستوى له خلال 52 أسبوعا. وحسبما أوضح أحد مديري الاستثمار، عودة أسهم الشركة إلى الانتعاش تخبرنا أن مخاوف الأرباح والركود كان مبالغا فيها. البندول آخذ في العودة إلى وضعه السابق.
    هناك فكرة أخرى هي أن العلامات الأكثر إشراقا بشأن التجارة تخفي دافعا أقوى لمعنويات صعودية أطول أجلا: توقعات تحفيز مالي. من المؤكد أن الإنفاق الحكومي الأكبر مدرج في جدول أعمال الاقتصاد البريطاني وكذلك جدول أعمال سوق الأسهم التي تم تجاهلها إلى حد كبير من قبل المستثمرين الأجانب، الذين فضلوا سندات الحكومة البريطانية منذ استفتاء "بريكست" عام 2016. ليس من الصعب تقديم مبررات للتحول باتجاه الأسهم والخروج من الدين الحكومي في الوقت الذي تزيد فيه وزارة المالية الإنفاق عام 2020.
    على الجانب الآخر من قناة المانش، يعكس أيضا الأداء الأخير للأسهم والدوريات الأوروبية بشكل جزئي التوقعات بزيادة الإنفاق الحكومي حتى من ألمانيا الممانعة كما يعكس الاعتراف المتزايد من بعض دوائر صنع السياسات بالضرر الناتج عن أسعار الفائدة السلبية.
    إن احتمال نشر العتاد المالي إلى جانب تلاشي احتمالات التصعيد في الحرب التجارية، يفسر كثيرا من الحماس الحالي في أسواق الأسهم.
    لا يقتنع الجميع بأن هذا يمثل بداية لتغيير جذري لاستراتيجيات الاستثمار التي أصبحت معتمدة على السندات والأسهم عالية الجودة. اتجاهات النمو الاقتصادي المتواضع في الاقتصادات الناضجة، وتباطؤ الزخم في جميع أنحاء العالم الناشئ، تبدو راسخة.
    يقول ديفيد بيانكو، كبير مسؤولي الاستثمار في الأميركتين في شركة إدارة الأصول "دي دبليو إس"، إنه وزملاءه ما زالوا يجدون صعوبة في "التخلي عن تفضيلهم طويل الأمد لأسهم النمو المربحة من أجل أسهم القيمة الدورية".
    باعتبارها مركز مقاصة لمعلومات وقرارات استثمار لا حصر لها، فإن الأسواق تولد كثيرا من الضوضاء وفي بعض الأحيان إشارات مضللة. الاستجابة للإشارات الصحيحة هي التحدي الذي يواجه المستثمرين عندما يعيدون ترتيب محافظهم الاستثمارية للعام المقبل.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية